سورة الانفطار - تفسير تفسير البغوي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (الانفطار)


        


{إِذَا السَّمَاءُ انْفَطَرَتْ} انشقت. {وَإِذَا الْكَوَاكِبُ انْتَثَرَتْ} تساقطت. {وَإِذَا الْبِحَارُ فُجِّرَتْ} فُجّر بعضها في بعضُ واختلط العذب بالملحُ فصارت بحرًا واحدًاُ وقال الربيع: {فجرت} فاضت. {وَإِذَا الْقُبُورُ بُعْثِرَتْ} بحثت وقلب ترابها وبعث ما فيها من الموتى أحياءًُ يقال: بعثرت الحوض وبحثرتهُ إذا قلبته فجعلت أسفله أعلاه. {عَلِمَتْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ وَأَخَّرَتْ} قيل: {ما قدمت} من عمل صالح أو سيئُ و{أخرت} من سنة حسنة أو سيئة. وقيل: {ما قدمت} من الصدقات و{أخرت} من التركاتُ على ما ذكرنا في قوله: {ينبأ الإنسان يومئذ بما قدم وأخر} [القيامة- 13]. {يَا أَيُّهَا الإنْسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ} ما خدعك وسوَّل لك الباطل حتى أضعت ما وجب عليك. والمعنى: ماذا أمنك من عذابه قال عطاء: نزلت في الوليد بن المغيرة.
وقال الكلبي ومقاتل: نزلت في الأسود بن شريق ضرب النبي فلم يعاقبه الله عز وجلُ فأنزل الله هذه الآية يقول: ما الذي غرك بربك الكريم المتجاوز عنك إذ لم يعاقبك عاجلا بكفرك؟ قال قتادة: غره عدوه المسلط عليه يعني الشيطان قال مقاتل: غره عفو الله حين لم يعاقبه في أول مرة. وقال السدي: غره رفق الله به.
وقال ابن مسعود: ما منكم من أحد إلا سيخلو الله به يوم القيامة. فيقول: يا ابن آدم ما غرك بي؟ يا ابن آدم ماذا عملت فيما علمت؟ يا ابن آدم ماذا أجبت المرسلين؟.
وقيل للفضيل بن عياض: لو أقامك الله يوم القيامة فقال: ما غرك بربك الكريم؟ ماذا كنت تقول؟ قال: أقول غرني ستورك المرخاة.
وقال يحيى بن معاذ: لو أقامني بين يديه فقال ما غرك بي؟ فأقول غرني بك بِرُّك بي سالفًا وآنفًا.
وقال أبو بكر الوراق: لو قال لي: ما غرك بربك الكريم؟ لقلت: غرني كرم الكريم.
قال بعض أهل الإشارة: إنما قال بربك الكريم دون سائر أسمائه وصفاته كأنه لقنه الإجابة حتى يقول: غرني كرم الكريم.


{الَّذِي خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ} قرأ أهل الكوفة وأبو جعفر {فَعَدَلك} بالتخفيف أي صرفك وأمالك إلى أي صورة شاء حسنًا وقبيحًا وطويلا وقصيرًا. وقرأ الآخرون بالتشديد أي قومك وجعلك معتدل الخلق والأعضاء. {فِي أَيِّ صُورَةٍ مَا شَاءَ رَكَّبَكَ} قال مجاهد والكلبي ومقاتل: في أي شبه من أب أو أم أو خال أو عم.
وجاء في الحديث: أن النطفة إذا استقرت في الرحم أحضر كل عرق بينه وبين آدم ثم قرأ {في أي صورة ما شاء ركبك}.
وذكر الفراء قولا آخر: {في أي صورة ما شاء ركبك} إن شاء في صورة إنسان وإن شاء في صورة دابةُ أو حيوان آخر.


{كَلا بَلْ تُكَذِّبُونَ} قرأ أبو جعفر بالياءُ وقرأ الآخرون بالتاء لقوله: {وإن عليكم لحافظين} {بِالدِّين} بالجزاء والحساب. {وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ} رقباء من الملائكة يحفظون عليكم أعمالكم. {كِرَامًا} على الله {كَاتِبِين} يكتبون أقوالكم وأعمالكم. {يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ} من خير أو شر. قوله عز وجل: {إِنَّ الأبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ} الأبرار الذين بروا وصدقوا في إيمانهم بأداء فرائض الله عز وجل واجتناب معاصيه. {وَإِنَّ الْفُجَّارَ لَفِي جَحِيمٍ} روي أن سليمان بن عبد الملك قال لأبي حازم المدني: ليت شعري ما لنا عند الله؟ قال: اعرض عملك على كتاب الله فإنك تعلم ما لك عند الله. قال: فأين أجد في كتاب الله؟ قال عند قوله: {إن الأبرار لفي نعيم وإن الفجار لفي جحيم} قال سليمان: فأين رحمة الله؟ قال: {قريب من المحسنين} [الأعراف- 56]. قوله عز وجل: {يَصْلَوْنَهَا يَوْمَ الدِّينِ وَمَا هُمْ عَنْهَا بِغَائِبِينَ} يدخلونها يوم القيامة ثم عظَّم ذلك اليومُ فقال: {وَمَا أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ الدِّينِ} ثم كرر تعجبًا لشأنه فقال: {ثُمَّ مَا أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ الدِّينِ}.
{يَوْمَ لا تَمْلِكُ نَفْسٌ لِنَفْسٍ شَيْئًا وَالأمْرُ يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ (19)}.
{يَوْمَ لا تَمْلِكُ} قرأ أهل الكوفة والبصرة: {يوم} برفع الميمُ ردا على اليوم الأولُ وقرأ الآخرون بنصبهاُ أي: في يومُ يعني: هذه الأشياء في يوم لا تملك {نَفْسٌ لِنَفْسٍ شَيْئًا} قال مقاتل: يعني لنفس كافرة شيئا من المنفعةُ {وَالأمْرُ يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ} أي لم يُملّكِ الله في ذلك اليوم أحدًا شيئًا كما ملكهم في الدنيا.